هذه هى المشاركة الرابعة فى سلسلة المشاركات التى تتناول كتاب فن الأدب.
فى محاولة للربط بين روح العصر وبين تراثنا الأدبى، تحدث توفيق الحكيم عن أديبين عظيمين، بلغا من العبقرية ما جعل التاريخ يخلد أدبهما، ويتتلمذ على أيديهما أدباء العصر النابغين.
واستطاع بسعة خياله وبدقة ملاحظاته أن يلقى نظرة حديثة عليهما وأن يرى فى أدبهما ما لم نره من قبل.
أولا: الجاحظ مخترع فن الكاريكاتور
يعتبر #توفيق_الحكيم الجاحظ أستاذًا مباشرًا لأكثر رجال القلم فى الأدب العربى المعاصر، لأنه حمل لواء التجديد، وعلم الكتاب أن الأسلوب أداة للتعبير عن النفس، لا بضاعة من الزخرف يراد بها اللهو.
وقد أورد كاتبنا هذا الكلام فى سياق حديثه وهو كلام على لسان الجاحظ، وسوف يناقش توفيق الحكيم هذا الكلام. لكن علينا أن نلاحظ أولا أن هذه اللغة اليسيرة، كان الجاحظ يكتب بها منذ عشرة قرون.
النقظة الأولى الذى يناقشها #توفيق_الحكيم فى كلام الجاحظ هى التعجل والتلهف على النجاح دون بذل الجهد اللازم.
والنجاح فى الفن والأدب دون بذل الجهد اللازم فى التعلم والتمرن يتسبب فى فساد القيم واختلال الموازين.
وهذه هى النقطة الثانية، فى كلام الجاحظ إذا ما أسقطناه على عصرنا الحالى.
وقد بلغ الجاحظ من براعة التصوير فى كتابه: التدوير والتكعيب، ما جعل #توفيق_الحكيم يرى ــ بما يتميز به من سعة فى الخيال ــ أن الجاحظ كان من أسبق الكتاب للتصوير الكاريكاتورى بالكتابة.
وكل كاريكاتور به نوع من الهجاء، وليس فى كل هجاء نوع من الكاريكاتور.
ثانيًا: أبو العلاء المعرى خالق الباليه الأول
بصف #توفيق_الحكيم حال الشرقى وقد افتتن بهذه المشاهد، ثم يقول: لقد أنستنا براعة الإخراج ما فى بطون الكتب!.. ذلك أن العجب الأكبر هو أن أبا العلاء المعرى تخيل أكثر من ذلك منذ ألف عام.. ولنرجع إلى تصوره لحدائق الحور ورقص الحور فى رسالة الغفران..
لقد كان ذلك الضرير مثل هومير، يتخيل الأشياء فى سموها وعلوها، لقد استطاع أن يرى فن الرقص على ما ينبغى له من نبل وارتفاع!
أكان ينقص هذا الخيال غير مخرج يقيمه فوق مسرح؟!
ثم يعقد مقارنة سريعة بين الرقص الشرقى والرقص الغربى فيقول:
فى الرقص الشرقى، يدور الحوار دائمًا بين عضو وعضو من جسم راقصة! أما فى الرقص الغربى، فالحوار يدور بين الراقصة والهواء، وبين مجموعة من الراقصات والفضاء!.. وإن الأذرع والسيقان والأقدام لتتحرك وتتماوج ولكنها لا تفقد أبدًا الصلة بينها وبين الطبيعة المحيطة بها من أرض وفضاء.
إن الراقصة الشرقية دائمًا فوق الأرض، كأنها فى الطين مغروسة. أما الراقصة الغربية فكأنها تريد أن تثبت أنها تمشى فى الهواء مرتفعة عن الأرض، فهى تخطو على أطراف الأنامل وتثب كأنها جواد!
يتحدث #توفيق_الحكيم عن الصلة بين الراقصة والجواد ثم يذكر أبياتًا للبحترى وزهير وابن المعتز، استطاع فيها هؤلاء الشعراء لمح هذه الصلة.
ــــــــــــــــــــ
إن الصلة بين الجواد والراقصة يلمحها كل من نفذ إلى روح الرقص.. لقد حدثنا بول فاليرى فيما حدث عن المصور دجاس، ذلك الذى حذق تصوير راقصات الباليه، أن ذلك الفنان لم تغب عنه تلك العلاقة بين الراقصة والجواد، فقد كان يدرس خيل السباق فيما يدرس من مصادر فنه!
فى محاولة للربط بين روح العصر وبين تراثنا الأدبى، تحدث توفيق الحكيم عن أديبين عظيمين، بلغا من العبقرية ما جعل التاريخ يخلد أدبهما، ويتتلمذ على أيديهما أدباء العصر النابغين.
واستطاع بسعة خياله وبدقة ملاحظاته أن يلقى نظرة حديثة عليهما وأن يرى فى أدبهما ما لم نره من قبل.
أولا: الجاحظ مخترع فن الكاريكاتور
يعتبر #توفيق_الحكيم الجاحظ أستاذًا مباشرًا لأكثر رجال القلم فى الأدب العربى المعاصر، لأنه حمل لواء التجديد، وعلم الكتاب أن الأسلوب أداة للتعبير عن النفس، لا بضاعة من الزخرف يراد بها اللهو.
وقد أورد كاتبنا هذا الكلام فى سياق حديثه وهو كلام على لسان الجاحظ، وسوف يناقش توفيق الحكيم هذا الكلام. لكن علينا أن نلاحظ أولا أن هذه اللغة اليسيرة، كان الجاحظ يكتب بها منذ عشرة قرون.
النقظة الأولى الذى يناقشها #توفيق_الحكيم فى كلام الجاحظ هى التعجل والتلهف على النجاح دون بذل الجهد اللازم.
والنجاح فى الفن والأدب دون بذل الجهد اللازم فى التعلم والتمرن يتسبب فى فساد القيم واختلال الموازين.
وهذه هى النقطة الثانية، فى كلام الجاحظ إذا ما أسقطناه على عصرنا الحالى.
وقد بلغ الجاحظ من براعة التصوير فى كتابه: التدوير والتكعيب، ما جعل #توفيق_الحكيم يرى ــ بما يتميز به من سعة فى الخيال ــ أن الجاحظ كان من أسبق الكتاب للتصوير الكاريكاتورى بالكتابة.
وكل كاريكاتور به نوع من الهجاء، وليس فى كل هجاء نوع من الكاريكاتور.
ثانيًا: أبو العلاء المعرى خالق الباليه الأول
بصف #توفيق_الحكيم حال الشرقى وقد افتتن بهذه المشاهد، ثم يقول: لقد أنستنا براعة الإخراج ما فى بطون الكتب!.. ذلك أن العجب الأكبر هو أن أبا العلاء المعرى تخيل أكثر من ذلك منذ ألف عام.. ولنرجع إلى تصوره لحدائق الحور ورقص الحور فى رسالة الغفران..
لقد كان ذلك الضرير مثل هومير، يتخيل الأشياء فى سموها وعلوها، لقد استطاع أن يرى فن الرقص على ما ينبغى له من نبل وارتفاع!
أكان ينقص هذا الخيال غير مخرج يقيمه فوق مسرح؟!
فى الرقص الشرقى، يدور الحوار دائمًا بين عضو وعضو من جسم راقصة! أما فى الرقص الغربى، فالحوار يدور بين الراقصة والهواء، وبين مجموعة من الراقصات والفضاء!.. وإن الأذرع والسيقان والأقدام لتتحرك وتتماوج ولكنها لا تفقد أبدًا الصلة بينها وبين الطبيعة المحيطة بها من أرض وفضاء.
إن الراقصة الشرقية دائمًا فوق الأرض، كأنها فى الطين مغروسة. أما الراقصة الغربية فكأنها تريد أن تثبت أنها تمشى فى الهواء مرتفعة عن الأرض، فهى تخطو على أطراف الأنامل وتثب كأنها جواد!
يتحدث #توفيق_الحكيم عن الصلة بين الراقصة والجواد ثم يذكر أبياتًا للبحترى وزهير وابن المعتز، استطاع فيها هؤلاء الشعراء لمح هذه الصلة.
ــــــــــــــــــــ
إن الصلة بين الجواد والراقصة يلمحها كل من نفذ إلى روح الرقص.. لقد حدثنا بول فاليرى فيما حدث عن المصور دجاس، ذلك الذى حذق تصوير راقصات الباليه، أن ذلك الفنان لم تغب عنه تلك العلاقة بين الراقصة والجواد، فقد كان يدرس خيل السباق فيما يدرس من مصادر فنه!














